السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدي ودين الحق، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح لله وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين. فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فيا أيها الناس، قولوا رضينا بالله ربا، رضينا بالله ربا، رضينا بالله ربا لله، الأمر من قبل ومن بعد إن الحكم إلا لله، ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين. وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها. إن ذلك على الله يسير. فلله الأمر من قبل ومن بعد. رضينا بالله ربا له، الحكمة البالغة و القدرة النافذة، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
أيها الإخوة، في يوم الثلاثاء الماضي الثالث عشر من هذا الشهر، شهر صفر عام ستة عشر وأربعمائة وألف، سقطت مدينة من كبريات المدن في سراييفو على يد النصارى الصرب. سقطت على يد النصارى الصرب الذين لا يشك عاقل مفكر أن ذلك بمعونة من إخوانهم النصارى والشيوعيين. وإن ذلك، إنه والله لمصيبة كبرى ومحنة عظمى، أن تسقط تلك المدينة الإسلامية ويشرد أهلها ما بين قتيل وجريح وطريد أكثر من ثلاثين ألفا، كلهم أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
وكذبت الصرب وكذب من ورائها الإعلام الغربي حيث يقولون إن هذا للتطهير العرقي، ولكنهم كاذبون في ذلك، إنما هو للقضاء على الإسلام، للقضاء على المسلمين في أوربا الشرقية، ولكن الله من ورائهم محيط، وعلى مكرهم قدير. وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. واقرءوا قول الله عز وجل (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد).
هذه المدينة التي تقدر بآلاف المسلمين خرج أهلها منها، قتل الرجال على الطرق ذبائح كذبائح الخراف، وفرق بين كل طفل يبلغ السادسة من عمره وبين أمه وأبيه، وأوقف كل يافع يبلغ السادسة عشر من عمره فما فوق للتحقيق ولا يعلم بالنهاية إلا الله تعالى. أسقطت الحوامل ما في بطونها وأرغمت الوالدات على الفرار حال ولادتها. يقول الطفل وهو في السادسة من عمره، قد حيل بينه وبين أبيه، يا أماه يا أبتاه ولكن لا مجيب.
أيها المسلمون، صورت إحدى الصحف البريطانية حسب الإذاعة البريطانية، صورت امرأة تحمل طفلا في المهد في يدها اليمنى وتمسك طفلين آخرين في يدها اليسرى، أظنها تجرهم جرا وهي فارة من بلادها، تاركة بيتها وسكنها، ولعلها فاقدة لزوجها وعائلها. دموع تنهمر على الخدود دماء تراق في الطرقات صياح وعويل بكاء طويل، ينظر أحدهم إلى ابنه وفلذة كبده ومحل أمله بعد الله وقد حيل بينه وبينه ولا يدري ما مصيره.
إنه لمشهد عظيم تنفجر منه القلوب وتدمى منه الأكباد، إنه والله لمشهد لا يقره عقل ولا دين لا يقره إلا الذي ركبت طبائعهم من عداوة اليهود وحقد التنصير الصليبي وإلحاد الشيوعيين. إنه لمشهد عظيم وإنه والله لكبير علينا أن تكون تلك الكارثة على إخوان لنا في الإسلام. آمالهم آمالنا وآلامهم آلامنا، هذا إن كنا مسلمين لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
إن ذلك لكبير علينا، والله العظيم، إنه لكبير وإن الأكبر من ذلك أن تكون تلك الكارثة في بلد مسلم ينادى على رأس منائره بالآذان، تقام فيه الجماعات، يصام فيه رمضان، فيصبح هذا البلد خاويا من ذلك أو يصبح معلنا فيه النواقيس والصلبان.
إنها والله لكارثة، إنها لكارثة عظيمة، أن تفقد الأمة الإسلامية مدينة إسلامية عزيزة بالإسلام، فيأتي هؤلاء فيفعلون بها هذه الأفاعيل على مرأى ومسمع من هيئة الأمم المتخاذلة، ولا أقول المتحدة لأنني إن قلت المتحدة فعلى أي شيء تتحد، أتتحد على نصر الإسلام أم تتخذ على خذلان الإسلام، لا هذا ولا هذا ولكنها أمة متخاذلة، نسأل الله تعالى أن يكفينا شرها وشر من به شر، فالحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار.
أيها المسلمون، إن الواجب علينا تجاه هذا الحادث الجلل العظيم، إن الواجب علينا أن نلاحظ أمورا. الأمر الأول أن نعلم علم اليقين الذي لاشك يعتريه أن ما جرى فهو بقضاء الله وقدره، والله ما جرى عن غفلة من الله، ولكنه عن علم وقضاء وقدر وحكمة بالغة باهرة. الأمر الأول أن نعلم علم اليقين الذي لاشك يعتريه أن ما جرى فهو بقضاء الله وقدره كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة مقدرا بأجله وزمانه ومكانه كما قال الله عز وجل (ألم تعلم إن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير). وقال الله تعالى (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال).
الأمر الثاني أن نعلم أن هذا واقع بمشيئة الله شاءه الله تعالى فوقع ويفعل الله ما يشاء كما قال الله تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ). انتبه انتبه أيها المسلم المؤمن لقوله تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ). وقال تعالى (ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم).
اللهم إنا نسألك في هذا المقام ونحن في انتظار فريضة فرضتها علينا فسمعا لك وطاعة يا ربنا إننا قد استجبنا فاستجب لنا يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك في هذا المكان أن ترحم ضعف إخواننا في البوسنة والهرسك، اللهم ارحم ضعفهم، اللهم قوهم على ما أصابهم، اللهم اجعل موتاهم من الشهداء وأراملهم من السعداء وأيتامهم من الخلفاء الذين يخلفون أهليهم في إقامة دينك يا رب العالمين. اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم تقبل منا هذا الدعاء يا رب الأرض والسماء يا حي يا قيوم يا مقوي الضعفاء ويا جابر الكسراء إنك أنت أرحم الراحمين.
الأمر الثالث أن نعلم أن الله قدر ذلك أي تلك الكارثة لحكم بالغة قد نعلمها وقد لا نعلمها قد نعلمها الآن وقد نعلمها بعد الآن يقول الله عز وجل (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
كثير من المسلمين اليوم أضاع دينه أو أضاع كثير من دينه، ليس لهم من الإسلام إلا اسمه ولا يعرف من القرءان إلا رسمه، كثير من المسلمين أضاع الصلاة واتبع الشهوات، كثير من المسلمين من يستهزئ بدين الإسلام أو بعض شرائع الإسلام أو بمن يتمسك بالإسلام من أجل أنه تمسك بالإسلام وإلا لم يستهزئ به، كثير من المسلمين اليوم باع دينه بدنياه، يكذب في المقال ويغش في الفعال، ويخون في الأمانة، ويقطع الرحم ويعق الوالد وينم بين المسلمين، ويغتابهم ويأخذ الرشوة ويجور في الحكم ويركب الخنا ويبذل المال في معصية الله.
الأمر الرابع أن نعلم أن للكفر صوله وليس له دولة، يجب أن نعلم أن للكفر صولة وليس له دولة، فلن يدال على الإسلام إدالة مستقرة، من ظن أن الكفر يدال على الإسلام إدالة مستقرة فقد ظن بالله ظن السوء وأبطل حكمة الله، إن الله لم يشرع الإسلام إلا ليظهره على الدين كله ولكن تلك الأيام نداولها بين الناس. إن الكفر لن يدال على الإسلام إدالة مستقرة إلى الأبد مادام المسلمون متمسكين بدينهم، كما قال الله تعالى (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) وقال جل وعلا (فاصبر إن العاقبة للمتقين). وإننا بحول الله وقوته وفضله وحكمته وعزته وقوته إننا نؤمن بأن الله تعالى سيقر عيوننا وعيون كل مؤمن بالنصر العزيز والفتح المبين ولكنه ابتلاء ليبلو الصابر من غير الصابر.
الأمر الخامس أن نعلم أن قلوب كثير من المسلمين أصبحت قاسية كالحجارة أو أشد قسوة، تمر بها هذه الكوارث وكأنها قصص خيالية أو وقائع تاريخية في أبعد الناس عنهم، فلا تجد هؤلاء متأثرين بذلك تجد المترف منهم والمترف تاله يسافر بعائلته للتنزه وصرف الأموال الطائلة في بلاد الكفر ليثري أموال الكافرين ويرفع اقتصادياتهم ويرجع منهم والله أعلم بما حصل على قلبه وفكره وسلوكه، وإخوانه المسلمون في هذه المحنة لا يرفع لها رأسا وربما كان لا يرى بها بأسا. هذا والله هو الواقع واسألوا إن شئتم الخطوط الجوية من سعودية وغيرها كيف تنفر هذه الجحافل إلى بلاد الكفر بعوائلها نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، اللهم اهدي ضال المسلمين، اللهم اهدي ضال المسلمين.
الأمر السادس أن نعرف بهذه الكوارث وأمثالها قدر حقد أعداء الإسلام على الإسلام والمسلمين، وهذه القضية غفل عنها كثير من الناس السذج الذين يأخذون الأمور بظواهرها ولا يزنون الأقوال بالأفعال. إنه يجب علينا أن نعرف قدر حقد أعداء الإسلام على الإسلام والمسلمين، وأن أعداء الإسلام لا يرغبون في مؤمن إلا ولا ذمة، يرضوننا بأفواههم وتأبى قلوبهم. فماذا فعلت هذه الأمم الكافرة التي تدعي أنها متحضرة وأنها تحمي حقوق الإنسان. إن الجواب على هذا معروف لكل من تابع هذه الوقائع وما سبقها من وقائع في أزمان غابرة.
إن علينا أن لا نكون كالنعامة تغمس رأسها في الرمل لئلا تري القانص، إن علينا أن نعرف أعداءنا علينا، أن نعرف ما يكنون لنا وهم وإن حابونا لمصالحهم أو حابو بعض المسلمين لمصالحهم، فإنما يكنون العداء للإسلام، وإن الإسلام والله هو رأس مالنا وهو أحب إلينا من أنفسنا، ولئن يذهب الإنسان وعائلته أحب إليه من أن يذهب الإسلام لأن الإسلام هو رأس المال. أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يثبتني وإياكم عليه وأن يميتنا عليه وأن نلقي ربنا على ذلك إنه جواد كريم.
أيها المسلمون اعرفوا ما يكنه أعداؤكم لكم إنهم وإن جاملوا في المقال فإنهم مسيؤن في الفعال فنسأل الله بأسمائه وصفاته في هذا المقام ونحن ننتظر فريضة فرضها الله علينا نسأل الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الحق.
اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اكبت أعداء المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين والمنافقين يا رب العالمين. اللهم من أراد بالمسلمين كيدا فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه واهزم جنده واجعل تدبيره تدميرا عليه يا أرحم الراحمين. اللهم منزل الكتاب وهازم الأحزاب ومجري السحاب، نسألك اللهم أن تنزل بالصرب بأسك الذي لا يرد عن المجرمين، اللهم إنهم ضعفاء أمام قوتك، اللهم فخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين. اللهم أغرقت فرعون وقومه في لجج من الماء فأغرق هؤلاء بالأمراض الفتاكة التي لا تبقي منهم أحدا يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك أن تثبت أقدام إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، اللهم انصرهم على عدوهم، اللهم ارزقهم الصبر والثبات على مصائبهم، اللهم اجعل شهدائهم شهداء عندك يا رب العالمين. إنك على كل شيء قدير. اللهم كن لأراملهم وأيتامهم، اللهم احمهم بحمايتك التي لا يجوزها بر و لا فاجر يا أرحم الراحمين. اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد لله وكفي وسلام على عباده الذين اصطفي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمد عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما كثيرا. أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله عز وجل وكونوا مع إخوانكم المسلمين في كل مكان، كونوا معهم في قلوبكم، كونوا معهم في أموالكم، كونوا معهم في أبدانكم. إن استطعتم فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، كما قال ذلك نبينا وإمامنا محمد صلى الله عليه وسلم.
عباد الله إن ما أصاب إخوانكم بالبوسنة والهرسك، إنه لأمر عظيم إنه ترتب عليه محظوران عظيمان الأول. أن هذه المدينة كانت الآن مدينة كفر بعد أن كانت مدينة إسلام، ولكننا نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته وقوته وعزته ونصره أن يردها إلى الإسلام، إنه على كل شيء قدير.
الأمر الثاني ما أصاب مواطنيها وساكنيها من تشريد وتقتيل يندى له الجبين وتتفطر له القلوب، إن علينا أن نتأثر بذلك فإن لم نتأثر فوالله إن قلوبنا قاسية، لو أن هذا الفعل فعل في مدينتكم لا قدر الله ذلك فعلى أي شيء تكونون قدروا أن هذا في مدينتكم، لأن المدينة الإسلامية في أقصى مشارق الأرض ومغاربها إذا أصابها شيء فإنما هو كما أصاب مدينتكم، إذا كان هذا من أجل الإسلام وهذا هو الذي نقطع به، أن هؤلاء النصارى من الصرب أن ما أرادوا بذلك القضاء على الإسلام والمسلمين وتطهير بلادهم من المسلمين، فنسأل الله تعالى أن يكبتهم وأن يجعل كيدهم في نحورهم.
أيها الإخوة كنت أريد أن أتكلم على ما يتعلق في الوقت الحاضر من بيع النخيل ولكن هذه الحادثة أخذت مني كل مأخذ، ويجب أن تأخذ من كل مسلم كل مأخذ، فرأيت أن أقدمها على هذا الموضوع ولكني أقول كلمات يسيرة حوله، أقول إنه لا يجوز أن تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فاسمعوا واطيعوا إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، لا تبيعون نخلة حتى تلون و إذا أردتم أن تبيعوا النخل جميعا فيكفي من كل نوع منها أن تلون نخلة واحدة لا يغلبنكم الجشع لا يغلبنكم الطمع على معصية الله ورسوله. إن درهما تكسبونه في معصية الله ورسوله لسحت لأموالكم ونقص في إيمانكم، فاتقوا الله الذي أنعم عليكم بهذه الثمرات، اتقوا الله لا تبارزوه بمعصيته، إن محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهي أن تباع الثمر حتى يبدو صلاحها وما بين بدو الصلاح وحراجكم على النخيل إلا عشرة أيام أو أكثر قليلا أو أقل قليلا، فاتقوا الله عباد الله إن كنتم مسلمين، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، إن كنتم تؤمنون بالله ورسوله، فقولوا سمعنا وأطعنا ولا تقولوا بألسنتكم سمعنا وبأفعالكم عصينا، لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها حتى تلون النخيل، إن كنتم تريدون أن تبيعوها جميعا فيكفي أن يلون من كل نوع واحدا وإن كنتم تريدون أن تبيعوها فرادى فلكل نخلة حكمها لا تبيعوها حتى تلون ولا يحل لكم أن تشترطوا على المشتري أن لا يردها إذا حصل بها عيب فإن هذا شرط باطل لأنه يخالف قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحه فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق. أما إن كان العيب موجودا وقلت للمشتري هي الآن معيبة ولا ترجع علي بذلك العيب فقبل ذلك فإن له ما قبل لأن الحق له فإذا أسقطه بعد وجود سبب الحق وهو العيب فإن له أن يسقطه أما قبل وجود العيب فإن هذا الشرط لا يحل أي لا يحل لك أن تقول للمشتري اصبر على ما فيها من عيب وهي ليس فيها عيب ولكن إذا قلت له إنها إذا عابت فإنها تثمن ولا تردها فقبل ذلك وأقر به فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس لأنه رضي بأحد الحقين لأن له الحق إذا عابت أن يردها جميعا أو يأخذها مع الأرش فإذا رضي أن يأخذها بالأرش فهو الحق الثاني له فله ذلك وأرجو أن ينفع هذا على أن بعض العلماء يقول إن هذا لا ينفع أيضا لأن العيب لم يوجد فلم يوجد السبب وإذا لم يوجد السبب لم يوجد الحكم الذي ينبني على السبب لأن السبب يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لكني أرى تسهيلا للناس وسدا للذين يتحيلون على رد الثمرة أنهم إذا صبروا بذلك وقالوا إذا حدث بهذا عيب فإنه يثمن أرى إن شاء الله تعالى أن لا بأس بذلك وأرجو أن يكون ذلك صوابا إن شاء الله إنني أكرر أكرر أن تتقوا الله عز وجل لا تبيعوا الثمر قبل صلاحه ولا تشتروه قبل صلاحه فإن ذلك معصية لرسول الله ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا.
واعلموا أن الدنيا لن تخلد لكم ولن تخلدوا لها إنكم لا تدرون في أي ساعة تفارقونها ربما يخرج أحدكم من بيته ولا يرجع إلا محمولا على نعشه ربما يكون أحدكم هو الذي يزر أزراره ولا يفك أزراره إلا الغاسل له على سرير التغسيل تغسيل الموت ربما ينام أحدكم على فراشه وهو قد ركب الساعة لتوقظه في وقت معين ولكنها توقظ ميتا فاتقوا الله، عباد الله لا تبيعوا الآخرة بالدنيا إن الآخرة خير وأبقى إن الدنيا والله زائلة إن أهلها زائلون عنها أو هي زائلة عنهم. قال الله عز وجل لرسوله (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ). اللهم أيقظنا من سنة الغفلة اللهم أيقظنا من سنة الغفلة اللهم اجعلنا لك مخلصين ولنبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم متبعين يا رب العالمين. عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربة وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، واوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنغضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar